أحيانًا، يخالطنا شعور بالحاجة الملحة لترك الوظيفة وتقديم الاستقالة فورًا. ولكن يتلاشى هذا الشعور بسرعة عندما نتلقى بعض الكلمات الإيجابية من مديرنا، أو نحقق أي نجاح أو تقدم في مهمة ما، أو حتى عندما نأخذ قسطًا من الراحة الذي ينسينا التحديات التي واجهناها خلال العمل، أو عندما نحصل على مكافأة مالية مجزية تخفف من شعورنا بالاستياء أو عدم الرضا الوظيفي. كل هذه الأمور قادرة على تخفيف الرغبة في تقديم الاستقالة، وتجديد طاقتنا وزيادة رغبتنا في تقديم أفضل ما لدينا. ولكن ماذا لو حدثت كل هذه الأمور وما زلت تشعر بأنك تريد تقديم الاستقالة وترك العمل؟  

أكمل قراءة هذا المقال لتتعرف على العلامات التي تشير إلى أن الوقت قد حان، ويجب عليك التفكير في ترك العمل.

 

تشعر بالتشبع وليس لديك جديد لتضيفه

عندما تفقد الرغبة في تقديم مساهمات جديدة للعمل، يكون لديك هنا حالة تكرارية تشابه سير العمل نفسه. في بداية مسار العمل، يكون أداءك بطيئًا ولكن يتحسن بمرور الوقت، ويصل في النهاية إلى أعلى مستوياته. ومع التقدم، تصبح الأعباء العملية أكثر تحملاً، وتتراكم الخبرات. ثم تبلغ نقطة معينة حيث يصبح العمل روتينيًا وثابتًا، وتكون مهاراتك قد تطورت إلى مرحلة تجعلك قادرًا على إنجاز المهام بسرعة وجودة عالية.

في هذه المرحلة، يواجه الموظف اختيارين: إما المضي قدمًا والتطلع إلى مسار مهني جديد وتحديات جديدة، أو الاستمرار في الروتين والثبات في المنصب الحالي. في الحالة الأولى، يستفيد كل من الموظف والشركة، حيث يمكن للموظف تحقيق تطلعاته المهنية والشخصية، بينما تستفيد الشركة من مهاراته وخبراته. أما في الحالة الثانية، فقد يشعر الموظف بعدم استغلال قدراته بشكل كافٍ، مما يؤدي إلى الاستياء والضياع في العمل. في هذه الحالة، قد يكون الاستقالة من العمل هو الخيار الأمثل.

 

لا تحصل على التقدير الكافي

نحن جميعًا نعمل ضمن عقد محدد يتضمن مهامًا محددة، وبالمقابل نتقاضى أجرًا يعادل جهودنا. لكن هذا لا يعني أن كل ما نقوم به هو مجرد روتين، لا يستحق التقدير؛ فالمدح والإشادة والمكافآت ليست مجرد تجميل للمزاج، بل هي أدوات تعزز من فعالية العمل وجودته. لذا، حين تجد أن جهودك لا تُقدر أو لا يعترف بها بالشكل الذي تستحقه، أو أن الشركة تُفضل غيرك رغم جهودك المبذولة، فهذا يعني أن الوقت قد حان لتغيير العمل والتفكير في مسار مهني جديد يُقدّر جهودك ويُعترف بها بشكل صحيح.

 

بيئة العمل سامة

معظم الأسباب التي تجعلك تستمر في وظيفتك لفترة طويلة هي زملاؤك في العمل، وهي نفسها التي تدفعك أحيانًا للرحيل. قد نتحمل ظروف عمل صعبة أو مرتبات منخفضة من أجل بيئة عمل نشعر فيها بالانتماء والتكاتف. لكن إذا تغيرت البيئة وأصبحت سامة، سواء بسبب تواجد زملاء جدد يثيرون الفتنة، أو إدارة تعاني من الشلل، أو تفضيل الولاء على الكفاءة، أو ظهور التمييز العنصري أو العرقي، فعليك اتخاذ قرار. يمكنك محاولة تغيير الوضع عبر الحديث مع المسؤولين أو قسم الموارد البشرية، ولكن إذا لم يكن هناك تحسن، فعليك أن تبحث عن بيئة عمل جديدة، لن تجد نفسك فيها في صراعات وهمية أو ظروف عمل قاسية.

 

مجهود كثير وراتب قليل

التفاني في العمل والولاء للشركة أمر مهم، لكن لا ينبغي استغلال ذلك بشكل مفرط. إذا كنت تلاحظ أن مديرك يعطيك المزيد من المهام من زملائك دون مقابل مالي مناسب وتعمل بجدية خارج ساعات العمل الرسمية، فهذا ليس عملاً بولاء للشركة، بل استغلالًا لجهودك. في مثل هذه الحالات، لا يوجد مستقبل واعد في هذه الشركة، ولن تحصل على ترقية أو زيادة في الراتب. بدلاً من ذلك، قد تصبح مجهوداتك حقًا مستغلاً وإذا قررت الاعتراض أو التوقف عن العمل، فقد يتم اعتبارك موظفًا متخاذلاً ويتم استبدالك بشخص آخر براتب أقل.

 

وجود خلافات لا يمكن حلها مع مديرك

عندما يكون المدير هو جزء من المشكلة، ولا يبدي أدنى استعداد لحل الصعوبات التي تواجهك، فالأمر يصبح معقدًا. إذا كنت تواجه تضييقًا على حريتك، أو إهمالًا لحقوقك، أو تعرضًا للتنمر النفسي، فقد يكون الأفضل ترك هذا المكان. لا تستحق أن تعاني من ظلم مدير يستغل سلطته لتعذيبك على المستوى النفسي والعملي. في مثل هذه الحالات، لا ينبغي التردد في تقديم استقالتك والبحث عن بيئة عمل أكثر صحة واحترامًا لك ولجهودك.

 

 

الكثير من العمل خارج ساعات العمل الرسمية

في بعض الوظائف، لا يمكن تقييد العمل بساعات ثابتة، وقد يتطلب الأمر التدخل في أي وقت لحل المشكلات الطارئة، حتى لو كان ذلك خارج ساعات العمل الرسمية. على سبيل المثال، في مجال التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قد يتطلب التفاعل مع مواضيع جديدة في أي وقت، حتى لو كان ذلك خلال أوقات الإجازة. يجب أن تكون مستعدًا لتلبية احتياجات المؤسسة ومتابعة التطورات بشكل فعال، حتى ولو كان ذلك يتطلب بذل المزيد من الجهد والوقت.

لكن، يجب أن تتم معالجة هذه الحالات بشكل عادل، وأن تتلقى تعويضًا عادلًا عن العمل الإضافي الذي تقوم به خارج ساعات العمل الرسمية. إذا كانت المؤسسة لا تلتزم بتقديم التعويض المناسب، فهذا يعد مؤشرًا سلبيًا على سياسة الشركة واحترامها لحقوق موظفيها. إذا كانت هذه الحالة تتكرر بانتظام وتؤثر سلبًا على جودة حياتك المهنية والشخصية، فربما يكون من الأفضل البحث عن فرصة عمل أخرى حيث يتم احترام حقوق الموظفين وتقدير جهودهم بشكل أفضل.

 

فرصة لا تعوّض

يبدو أنك قد وصلت إلى مرحلة تدرك فيها قيمة مهاراتك وتطلعاتك المهنية. عندما يأتي عرض عمل جديد يعكس تلك القيم ويقدم فرصًا أفضل للتطور والنمو، فهذا يمكن أن يكون فرصة رائعة لك للتقدم. من الطبيعي أن تتطلع إلى الحصول على فرص تلائم طموحاتك وتلبي احتياجاتك المهنية والشخصية.

قد يكون قرار تقديم استقالتك أمرًا صعبًا، خاصة إذا كنت قد استمتعت ببعض الجوانب في الوظيفة الحالية. ومع ذلك، يجب أن تضع نفسك وأهدافك في المقام الأول. إذا كان العرض الجديد يوفر لك الفرص التي كنت تبحث عنها ويقدم لك التقدير المالي والمهني الذي تستحقه، فقد يكون من الأفضل لك الانتقال إليه.

لا تشعر بالذنب إذا قمت باتخاذ القرار بالانتقال إلى فرصة أفضل. فالعمل هو علاقة ثنائية، وإذا كانت الشركة قد استفادت منك، فأنت أيضًا عندك مسؤوليات تجاه نموك المهني وتطلعاتك المستقبلية.

 

خاتمة 

في الختام، يعتبر التعرف على الوقت المناسب للانتقال إلى فرصة عمل أفضل جانباً أساسياً من نمو الحياة المهنية. بينما يُثنى على الولاء لصاحب العمل الحالي، إلا أن إيلاء الأولوية لتطويرك المهني ورعاية رفاهيتك الشخصية مهم بالمثل.

إذا كان عرض العمل الجديد يتوافق مع تطلعاتك المهنية، ويقدم لك التقدير المالي والمهني الذي تستحقه، ويوفر بيئة عمل مناسبة للتطور والنمو، فلا تتردد في الاستفادة من الفرصة. تذكر، مسار حياتك المهنية هو مسؤوليتك الخاصة، واختيار المسار الذي يؤدي إلى الوفاء الشخصي والمهني دائماً قرار حكيم.

ثق في نفسك، وقم بتقييم خياراتك بعناية، واستعد لرحلة نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

 

أخبرنا عن تجربتك في سوق العمل.. لنحسن من شفافية العمل في المنطقة سويًا، انضم لأعمالنا الأن.